الجمعة، 23 يوليو 2010

إثبات شفاعة القديسين كتابياً

إثبات شفاعة القديسين كتابياً

إعداد أمين المكتبة / ديفيد طلعت

مراجع المقال :-
1- الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد
2- موسوعة الأنبا غريغوريوس الجزء الخامس
3- " شفاعة القديسين " عظة لنيافة الحبر الجليل الأنبا رافائيل
4- مجلة مرقس الشهرية إصدار دير القديس أنبا مقار


إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية فى الشفاعة


تنكر المذاهب البروتستانتية والكثير من المذاهب الأخرى شفاعة القديسين ويعتقدون فى أن علاقة الإنسان بالله هى علاقة شخصية فحسب ، وأن الإنسان ليس بحاجة إلى وسيط بينه وبين الله لأن الله يحب الكل ويتخذون دليلاً على صحة إعتقادهم من قول القديس بولس الرسول فى رسالته الأولى إلى تيموثاوس إذ يقول :-



" لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح "
( تيموثاوس الأولى 2 : 5 )


وفى تمسكهم بهذه الآية يسيرون بنهج الآية الواحدة وينكرون باقى الآيات التى تثبت بالدليل القاطع قوة وفاعلية شفاعة القديسين .
بدايةً دعونا نستعرض إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية فى الشفاعة .
تؤمن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بوجود ثلاث انواع من الشفاعات :-

(1) الشفاعة الكفارية :- وهى خاصة بالسيد المسيح وحده
وهذا المفهوم يتضح من قول معلمنا يوحنا الرسول فى رسالته الولى إذ يقول :-

" وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا
ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً " ( يوحنا الأولى 2 : 2 )


حيث إنه بعد أن سقط الإنسان الأول كان يجب أن نموت إلى الأبد ، ولكن جاء ربنا يسوع المسيح متجسداً من السيدة العذراء مريم وأخذ جسداً وتألم ومات بدلاً عنا ، وكانت آلمه مرضية لعدالة الله الآب ، إذ أن الألم وقع على ناسوته ( جسده ) وهو متحداً باللاهوت ، فصار للألم الواقع على الناسوت قيمة لا نهائية وأصبحت ذبيحة المسيح الكفارية لأجلنا ذبيحة مقبولة وكافية ومرضية لله الآب العادل .


فكلما نخطئ نضع خطايانا على المسيح المذبوح فيصير لنا القبول والمغفرة عند الله الآب وبحق قال السيد المسيح :-


" أنا هو الطريق والحق والحياة لا أحد يأتى إلى الآب إلا بى "
( يوحنا 14 : 16 )


وهكذا صار السيد المسيح كفارة عن خطايانا وهذا ما نطلق عليه " الشفاعة الكفارية "

( 2 ) شفاعة الروح القدس :-
وهذا المفهوم يتضح فى قول معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى أهل رومية إذ يقول :-


" كذلك الروح أيضاً يعين ضعفاتنا . لأننا لسنا نعلم ما نصلى لأجله كما ينبغى ولكن
الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها " ( رومية 8 : 26 )


ويشرح نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس هذه الآية ويقول :-


" المعنى أن الروح القدس يحرك مشاعرنا الروحية ، ويلهب قلوبنا بالمحبة الإلهية
، ويثير فينا حاجتنا إلى الصلاة ، ويلهمنا ما نصلى لأجله فهو بذلك يشفع فينا لأننا
غيره ما كنا لنصلى أو نشعر حتى بحاجتنا إلى الصلاة ، ومن دونه لا نعرف كيف
نصلى كما ينبغى سواء من أجل نفوسنا أو من أجل الآخرين "

( موسوعة الأنبا غريغوريوس الجزء الخامس ، للمتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات العليا والبحث العلمى ، شركة الطباعة المصرية ، د.ت ، ص158 )
وهكذا صار الروح القدس هو المحرك لنا لنتقدم إلى الله بالصلاة ويعلمنا كيف نصلى وهذه هى ط شفاعة الروح القدس "

( 3 ) الشفاعة التوسلية :-
وهى خاصة بالملائكة والقديسين الأحياء والمنتقلين .
وهذا النوع من الشفاعة تؤمن به كنيستنا القبطية الأرثوذكسية وتنكرة أغلب المذاهب المسيحية .....

حيث تؤمن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بأن الملائكة والقديسين يشفعون بصلواتهم وتضرعاتهم إلى الله من أجلنا وان هذه الصلوات تستند على إستحقاقات المسيح له المجد لأنه هو وحده فادينا ومخلصنا . وإن كانت هذه الصلوات غير ضرورية للخلاص ولكنها نافعة ومفيدة جداً للعتيدين أن يرثوا الخلاص ولها قيمتها فى طريق الجهاد وهى تواتينا بالعون والقوة من الله .( المرجع السابق ص 168 )


وهذا النوع من الشفاعة هو عنوان موضوعنا حيث سنثبت بالأدلة الكتابية القاطعة صحة إيمان كنيستنا الأرثوذكسية فى شفاعة القديسين .


الجســــــــــــد الواحـــــــــــــــد


فى حين يركِّز إخوتنا البروتستانت على العلاقة الشخصية بالرب يسوع ويتجاهلون العلاقة الجماعية يؤكد لنا الرسول بولس أننا - المؤمنين - أعضاء فى جسد واحد هو جسد المسيح ، فيه المسيح هو الرأس ونحن المؤمنين نمثل الأعضاء ، وقد تكرر هذا المفهوم فى عدة رسائل منها رسالته إلى أهل أفسس حيث قال :-



" بل صادقين فى المحبة ننمو فى كل شيئ إلى ذاك الذى هو الرأس المسيح الذى منه
كل الجسد مركباً معاً ومقترناً بمؤازرة كل مفصل حسب عمل على قياس كل جزء يُحصِّل
نمو الجسد لبنيانه فى المحبة " ( أفسس 4 : 15 ، 16 )

ومعنى قول الرسول بولس يتضح أن الأعضاء فى هذا الجسد تكون متحدة معاً ومركبة ومتصلة معاً بالمفاصل التى هى المحبة ورأس هذا الجسد هو المسيح .

والسؤال الآن :::::
هل الجسد الواحد الذى يقصده بولس الرسول هو جسد مادى أم جيد روحى ؟؟؟؟
بالطبع لم يقصد بولس الرسول إطلاقاً أن هذا الجسد هو جسد مادى ملموس لأن هذا غير موجود عملياً بصورة ملموسة


ولكن الجسد الذى يقصده هو جسد روحى فيه كل عضو له موهبته الخاصة المعطاة من الروح القدس والتى ينبغى أن يكون أميناً فيها من أجل أن يقوم هذا العضو بوظيفته على أكمل وجه .


والسؤال الآخر الذى يطرح نفسه :::::

مادام هذا الجسد الذى يقصده بولس الرسول هو جسد روحى فكيف يفقد آباؤنا القديسين عضويتهم فى هذا الجسد بعد الموت ؟؟؟


إن آبائنا القديسين المجتهدين فى الطريق الروحى إنما هم أعضاء فعالة فى هذا الجسد ، وفقدانهم للجسد بعد الموت لا ينفى أن أرواحهم الطاهرة لا تزال ثابته فى المسيح بل إنها إرتفعت ونضجت إلى حد الإتحاد الكامل به ، ولم يصيبهم الموت بأذى بل أعطاهم الفرصة للتحرر من هذا الجسد الثقيل وشهواته التى تريد أن تهبط بأرواحهم إلى أسفل ، بل ورأوا عملياً عالم الروح السماوى ، فعاينوا أمجاد السماء وأصبحوا أكثر ثباتاً وقوة فى جسد المسيح الحى ، والسيد المسيح نفسه يؤكد لنا حقيقة أن القديسين المنتقلين هم أحياء حينما قال :-



" الرب هو إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب وليس هو إله أموات إنما هو إله أحياء
لأن الجميع عنده أحياء " ( لوقا 20 : 38 )


من المناقشة السابقة يمكن أن نصل إلى الإستنتاج التالى :-


أننا أعضاء فى جسد المسيح الروحى الحى والقديسون المنتقلون أيضاً أعضاء فى هذا الجسد ولكننا أعضاء
منظورة ( لها جسد ملموس ) وهم أعضاء غير منظورة بإنتقالهم من هذا العالم . وهذا الجسد له رأس واحد
هو المسيح


وبعد أن وصلنا إلى هذا الإستنتاج نسأل السؤال التالى :-
هل تشعر أعضاء الجسد بإحتياجات بعضها البعض ؟؟؟؟


هل لو جرحت قدمك وأنت تسير فى الشارع ..هل تكمل السير وكأن شيئاً لم يكن ؟؟!! أم أنك تتوقف لترى ما أصاب قدمك ألا ترسل القدم برسالة عصبية إلى المخ تستجير به من هذا الجرح فيرسل المخ بدوره إشارة إلى اليدين فتسرع وتضمد جراحات القدم ....


أليست هذه هى علاقة أعضاء الجسد الواحد معاً وعلاقتها الواضحة بالرأس ألم يقل الكتاب المقدس على لسان بولس الرسول :-

" فإن كان عضو يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه وإن كان عضو واحد يكرم فجميع
الأعضاء تفرح معه " ( كورنثوس الأولى 12 : 26 )


إذن فلماذا تنفى بعض الطوائف المسيحية ونحن أعضاء فى جسد المسيح الواحد أن نشعر بعضنا بإحتياجات البعض الآخر ؟! ولماذا تنفى أنه يمكن أن نطلب بعضنا من أجل بعض

إذن .....

مادمنا أعضاء فى جسد واحد - جسد المسيح الحى - فلابد أن نشعر بإحتياجات بعضنا البعض.

والسؤال الآخر الذى يطرح نفسه ::::

هل كل أعضاء الجسد لها نفس حساسية الشعور بإحتياجات الأعضاء الأخرى ؟؟؟؟
نقول أن عضويتنا فى جسد المسيح الواحد لا ينفى الإرادة الحرة لكل عضو فهى الإرادة التى إحترمها الله منذ البداية ، فإن إستخدم هذا العضو حريته من أجل تعمقه وتأصله فى النعمة تزداد حساسيته لإحتياجات الأعضاء الأخرى ، لأنه كلما يتعمق فى النعمة يزداد محبة للآخرين لأن الله مصدر هو المحبة بعينها فكلما تعمق فى علاقته مع الله يمتلئ أكثر بمحبة الأعضاء الأخرى وخدمتهم .

أما إذا إستخدم هذا العضو حريته من أجل ذاته وشهواته وإبتعد عن النعمة ، فإنه يصيبه المرض الروحى ، الذى إذا لم يستجب للعلاج بواسطة الطبيب الأعظم وأصر على خطاياه ولم يتب قد يتعرض هذا العضو للبتر من جسد المسيح الحى إذ قد أصبح جافاً من عصارة الحياة ولما ماتت فيه الحياة تعرض للقطع .

وهذا ما أوضحه السيد المسيح عندما قال :-

" كل غصن فى لا يأتى بثمر ينزعه ، وكل ما يأتى بثمر ينقيه ليأتى بثمر أكثر " ( يوحنا 15 : 1 )

مما سبق نستنتج أن ::::

جميعنا أعضاء فى جسد المسيح الحى ولكى نحافظ على عضويتنا
فى هذا الجسد لابد من الجهاد مستندين على نعمة الله المعطاة لنا
مجاناً ولكن إن أهملنا قد نتعرض للبتر
عودة إلى القديسين المنتقلين ::

إن كان القديسين المنتقلين قد أكملوا جهادهم بأمانة فى هذا العالم وهم مازالوا فى جسدهم المادى فالأولى نقول أنه قد تعمق تأصلهم بجسد المسيح الحى بعد وفاتهم أم نقول أنهم أعضاء مبتورة بسبب الوفاة ؟؟؟!!!!


إنها الحقيقة الواضحة ....


إن آبائنا القديسين أحياء إذ بجهادهم الأمين مع النعمة صاروا متأصلين فى جسد المسيح الحى ، ولما إنتقلوا من هذا العالم زادت المحبة فيهم أضعاف أضعاف ما كانوا فيه على الأرض ، فإن كانوا يقدمون المحبة وهم على الأرض وهم مثقلين بأثقال الجسد وحروبه فكم بالحرى تكون المحبة والخدمة التى يقدمونها بعد أن تحرروا من ثقل الجسد وحروب الشياطين وغوايته ، وبعد أن أصبحت حقيقة العالم عارية أمامهم ، والحلم الذى كانوا يتوقعونه بصبر فى شركتهم الدائمة مع الرب يسوع صار حقيقة مؤكدة .


وبناءً على ما سبق تؤمن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بالشفاعة التوسلية من أجل الآخرين وتقسِّم هذه الشفاعة إلى ثلاثة أنواع :-

(1) شفاعة المنتقلين القديسين من أجل الأحياء

(2) شفاعة الأحياء المؤمنين فى الأحياء

(3) شفاعة الأحياء المؤمنين فى المنتقلين


وسنذكر فيما يلى الأدلة الكتابية التى تثبت صحة إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية فى الشفاعة التوسلية من أجل الآخرين .

الأدلـــــــــــة الكتابية فى إثبات
شفاعـــــــــــــــة القديســــــين

(1) شفاعة المنتقلين القديسين من أجل الأحياء :-

إن كل من يخرج من هذا الجسد الثقيل إنما يكتشف حقيقة هذا العالم وغرور شهواته ويرى واقع الحياة كما خلقها الله وليس كما زينها له الشيطان أو زينتها له شهواته ...

فدعونا ننظر إلى قصة الغنى ولعازر
فلعازر المسكين كان يطلب الفتات الساقط من مائدة الغنى وأما الغنى فلم يهتم ، فمات الإثنان وذهب لعازر إلى حضن أبينا إبراهيم أما الغنى ففى جهنم حيث العذاب ، فحاول الغنى أن يصلى من أجل نفسه لعله ينقذ من هذا العذاب وسأل أبينا إبراهيم قائلاً :::

" يا أبى إبراهيم إرحمنى وأرسل لعازر ليبل طرف أصبعه بماء ويبرد
لسانى لأنى معذَّب فى هذا اللهيب " ( لوقا 16 : 24 )

ولما لم تفلح صلاته قال لأبينا إبراهيم :-

" أسألك إذن يا أبت أن ترسله إلى بيت أبى لأن لى خمسة أخوة
حتى يشهد لهم لكيلا يأتوا هم أيضاً إلى موضع العذاب هذا "
( لوقا 16 : 27 )

فالغنى عندما خرج من الجسد أصبحت الحقيقة أمامه واضحة وخرج من إنخداعه بلذاته وشهواته إلى الواقع فلما خرج أشفق على إخوته - هذا الأنانى المحب لذاته غير المشفق على الآخرين - وتوسل إلى أبينا إبراهيم أن يرسل لعازر لينبههم لئلا يعذبوا هم أيضاً مثله

وهنـــــا نقف لنتأمل ....

هذا الغنى الشرير الذى لم يشفق على المسكين لعازر وفى محبته لذاته وكبريائه لم يطعمه وقف حائراً بعد أن خرج من الجسد كيف ينبه إخوته بالجسد إلى خطورة ما يفعلون
فكم بالحرى آبائنا القديسين المنتقلين الأتقياء الباذلين كل غث وثمين محبةً فى الرب وخدمته وهم على الأرض ، حينما يخرجون من الجسد وتنكشف أمامهم حقائق الأمور ألا يشفقون علينا نحن أعضاءهم فى جسد المسيح الحى ، وإن كانوا وهم على الأرض يخدموننا ويطلبون لأجلنا كثيراً أليس بالأكثر حينما يخرجون من هذا الجسد .

ولمزيد من الأدلة الكتابية لإثبات شفاعة القديسين تعالوا معى لنبحر فى هذا الإثبات الكتابى الواضح ....

كيف نثبت شفاعة المنتقلين فى الأحياء كتابياً ؟؟؟؟

نثبت ذلك من خلال إثبات الخطوات الأتية ....
(1) نثبت أن المنتقلين أحياء وليسوا أموات
(2) نثبت أن القديسين لهم دالة عند الله
(3) نثبت أن القديسين لهم قدرات خارقة على معرفة أخبارنا
(4) نثبت أن القديسين لهم دوافع قوية للشفاعة من أجلنا
(5) نثبت حقيقة أن القديسين وهم أموات بالجسد يشفعون فينا فى السماء بقصص حقيقية من الكتاب المقدس

وإذا أثبتنا صحة الخطوات الخمسة السابقة بالأدلة الكتابية نكون قد أثبتنا إثباتاً قاطعاً شفاعة القديسين المنتقلين فى الأحياء

(1) إثبات أن المنتقلين أحياء وليسوا أموات ::::

الدليل الكتابى الأول :-
ظهور موسى وإيليا النبيين على جبل التجلى بعد إنتقالهما مع ربنا يسوع المسيح ...
نقرأ هذه الحقيقة بحسب إنجيل معلمنا لوقا الإصحاح التاسع إذ يقول ....


" وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام أخذ بطرس ويوحنا ويعقوب
وصعد إلى جبل ليصلى وفيما هو يصلى صارت هيئة وجهه متغيرة
ولباسه مبيضاً لامعاً وإذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وإيليا
اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذى كان عتيداً أن يكمله
فى أورشليم وأما بطرس واللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم فلما
إستيقظوا رأوا مجده والرجلين الواقفين معه "
( لوقا 9 : 28 - 32 )
الدليل الكتابى الثانى :-

ظهور كثير من القديسين الراقدين بعد إتمام صلب الرب يسوع نقرأ هذه الحقيقة فى إنجيل معلمنا متى الإصحاح السابع والعشرين إذ يقول ...

" والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين
وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة
وظهروا لكثيرين " ( متى 27 : 52 ، 53 )

من الأدلة الكتابية السابقة نستنتج أن ...

المنتقليــــــــــــن أحيـــــــــــــاء وليســــــــــــوا أمـــــوات

(2) إثبات أن القديسين لهم دالة عند الله :-

سنثبت الآن بالأدلة الكتابية أن القديسين لهم دالة عند الله وسنذكر على سبيل المثال لا الحصر الشخصيات التالية :-

أبيــــــــــــنا إبــــراهـــيم داود النــــــــــبى

الأدلة الكتابية التى تثبت دالة أبينا إبراهيم عند الله :-

سنذكر هنا دليل كتابى واحد على سبيل المثال لا الحصر

" وكان فى الأرض جوع غير الجوع الأول الذى كان فى أيام إبراهيم
فذهب إسحق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين غإلى جرار . وظهر له
الرب وقال لا تنزل إلى مصر أسكن فى الأرض التى أقول لك . تغرَّب
فى هذه الأرض فأكون معك وأباركك لأنى لك ولنسلك أعطى جميع
هذه البلاد وأفى بالقسم الذى أقسمت لإبراهيم أبيك وأكثر نسلك كنجوم
السماء من أجل أن إبراهيم سمع لقولى وحفظ ما يحفظ لى أوامرى
وفرائضى وشرائعى " (تكوين 26 : 1 - 5 )

الأدلة الكتابية التى تثبت دالة أبينا داود النبى عند الله :-

سنكتفى هنا بذكر دليل كتابى واحد على سبيل المثال لا الحصر ...

قال الرب لأشعياء النبى

" إرجع وقل لحزقيا رئيس شعبى هكذا قال الرب إله داود أبيك قد
سمعت صلاتك . قد رأيت دموعك هأنذا أشفيك . فى اليوم الثالث
تصعد إلى بيت الرب وأزيد على أيامك خمس عشرة سنة وأنقذك
من يد ملك آشور مع هذه المدينة من أجل نفسى ومن أجل داود
عبدى " ( الملوك الثانى 20 : 5 ، 6 )

وجدير بالذكر أن الرب وعد إسحق بالبركة من أجل أبينا إبراهيم المتوفى كما وعد حزقيا بالحماية من أجل أبينا داود المتوفى وهذا يدل على مكانة أبينا إبراهيم وأبينا داود عند الله حتى بعد وفاتهما .

ونضيف إلى ذلك أن سرور الله بأن ينسب ذاته إلى القديسين المنتقلين هو أكبر دليل على مكانتهم ودالتهم عنده . فنجد الله يقول :-

" أنا الله إله إبراهيم أبيك لا تخف فإنى معك وأباركك وأكثر نسلك
من أجل إبراهيم عبدى " ( تكوين 26 : 24 )

وفى موضع آخر يقول :-

" أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب " ( خروج 3 : 6 )
فالله يسر بأن ينسب ذاته للقديسين المنتقلين ويضيف أسماءهم إلى إسمه المبارك فهم أحياء عنده وهو يفتخر بهم لأنهم أبناء صالحين .

من الأدلة الكتابية السابقة نستنتج أن :-

" القديســــــين المنتقليـــــــن لهم دالة قويــــــة جـــداً عند الله "


(3) إثبات أن القديسين لهم قدرات خارقة على معرفة أخبارنا :-

وسنثبت ذلك بالأدلة الكتابية فى شقين ...
الشق الأول :- القديسين الأحياء لهم مواهب العلم والكشف عن الماضى القريب والحاضر والمستقبل .

الشق الثانى :- القديسين المنتقلين يعلمون بما يحدث وبما يجرى على الأرض .

إثبات الشق الأول:-
القديسين الأحياء لهم مواهب العلم والكشف عن ....
1- الماضى القريب 2- الحاضر 3- المستقبل

1 - الماضى القريب :-
على سبيل المثال لا الحصر " قصة صموئيل النبى والأتن الضالة "

ذلك أنه لما ضلت الأتن من شاول بن قيس وعجز هو وغلامه عن أن يجداها ذهبا إلى صموئيل النبى الرائى ليسألاه فيدلاهما عن مصير الأتن فأجاب صموئيل وقال لشاول :::

" إصعدا أمامى إلى المرتفعة فتأكلا معى اليوم ثم أطلقك صباحاً
وأخبرك بكل ما فى قلبك وأما الأتن الضالة لك منذ ثلاثة أيام
فلا تضع قلبك عليها لأنها قد وجدت "
( صموئيل الأول 9 : 19 ، 20 )
2- الحــــــاضر :-
فعلى سبيل المثال لا الحصر علم أليشع النبى بأمر قتله وهو جالساً فى بيته

ذلك أنه لما إعتزم ملك إسرائيل قتل إليشع النبى علم إليشع وهو جالس فى بيته مع الشيوخ بأمر قتله وهذا هو الشاهد الكتابى ....

" فقال ( ملك إسرائيل ) هكذا يصنع لى الله وهكذا يزيد إن قام
رأس إليشع بن شافاط عليه اليوم وكان إليشع جالساً فى بيته
والشيوخ جلوساً عنده . فأرسل رجلاً من أمامه وقبلما أتى
الرسول إليه قال للشيوخ هل رأيتم أن إبن القاتل هذا قد أرسل
لكى يقطع رأسى . أنظروا إذا جاء الرسول فإغلقوا الباب وأحصروه
عند الباب . أليس صوت قدمى سيده وراءه . وبينما هو يكلمهم
إذا بالرسول نازل إليه " ( الملوك الثانى 6 : 31 - 33 )

3- المســـــــــتقبل :-

كمثال علم دانيال النبى بحلم الملك نبوخذ نصر وبتفسيره الذى سيتم فى المستقبل

ذلك أنه لما رأى نبوخذ نصر ملك بابل حلماً أزعجه أرسل وإستدعى السحرة والمجوس والعرافين والكلدانيين ليخبروه عن الحلم وعن تفسيره ففشلوا . ثم دخل دانيال على الملك وطلب منه أن يهبه زماناً فيخبره بالحلم وتفسيره ويقول الكتاب :-

" حينئذ مضى دانيال إلى بيته وأعلم حنانيا وميشائيل وعزريا
أصحابه بالأمر ليطلبوا المراحم من قبل إله السموات من جهة
هذا السر لكى لا يهلك دانيال وأصحابه مع سائر حكماء بابل
حينئذ لدانيال كٌشِف السر فى رؤيا الليل فبارك الله إله السموات "
( دانيال 2 : 17 - 19 )
ثم دخل دانيال إلى الملك وأخبره بالحلم أولاً الذى رآه وقال ::

" أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم هذا التمثال العظيم البهى
جداً وقف قبالتك ومنظره هائل . رأس هذا التمثال من ذهب جيد . صدره
وزراعه من فضة بطنه وفخذاه من نحاس ساقاه من حديد . قدماه
بعضهما من حديد والبعض من خزف كنت تنظر إلى أن قٌطع حجر بغير
يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما "
( دانيال 2 : 31 - 34 )
ثم فسًّر له الحلم وأوضح له ما سيحدث فى المستقبل وقال :-

" أنت أيها الملك ملك ملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة وإقتداراً
وسلطاناً وفخراً ....فأنت هذا الرأس من ذهب .وبعدك تقوم مملكة
أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل
الأرض وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد ....وبما رأيت القدمين
والأصابع بعضها من خزف والبعض الآخر من حديد فالمملكة تكون
منقسمة " ( دانيال 2 : 37 - 41 )

بالإثباتات الكتابية الثلاثة السابقة نكون قد أثبتنا الشق الأول من الخطوة الثالثة ألا وهو ....

" أن القديسين الأحيــــــــــاء لهم مواهب العلم والكشف عن الماضى القريب والحاضر والمستقبل "

إثبات الشــــــــق الثـــــــــانى

القديسين المنتقلين يعلمون بما يحدث وبما يجرى على الأرض والأدلة الكتابية على ذلك كثيرة نذكر منها :-
1- فرحة الملائكة والقديسين بتوبة الخطاه
" أقول لكم أنه هكذا يكون فرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة " ( لوقا 15 : 7 )

فكيف يعرف السمائيون بتوبة الخطاة ؟؟؟!!
أليس ذلك دليلاً قاطعاً على معرفتهم بما يجرى على الأرض ؟؟؟

2- علم صموئيل - بعد موته - بكل ما عمله شاول الملك وأنبأه بمصيره فى المستقبل القريب والبعيد
فقد ظهر صموئيل النبى بعد موته لشاول الملك وقال له :-

" ولماذا تسألنى والرب قد فارقك وصار عدوك وقد فعل الرب لنفسه كما تكلم عن يدى وقد شق الرب المملكة من يدك وأعطاها لقريبك داود لأنك لم تسمع لصوت الرب ولم تفعل حمو غضبه فى عماليق لذلك قد فعل الرب بك هذا الأمر اليوم ويدفع الرب إسرائيل أيضاً معك ليد الفلسطينيينوغداً أنت وبنوك تكونون معى ويدفع الرب جيش إسرائيل أيضاً ليد الفلسطينيين "
( صموئيل الأول 28 : 16 - 19 )

وقد تم كل ما قاله صموئيل النبى فى موعده

حقاً إن القديسين المنتقلين يعلمون بما يحدث على الأرض بل ويعرفون المستقبل أيضاً إذ هم قد تحرروا من ثقل الجسد وأصبحوا أكثر شفافية ومعرفة . ألم يقل بولس الرسول فى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس :::

" فإننا ننظر الآن فى مرآة فى لغز لكن حينئذ وجهاً لوجه الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت "
( كورنثوس الأولى 13 : 12 )

وبالإثباتات الكتابية السابقة نكون قد أثبتنا الشق الثانى من الخطوة الثالثة ألا وهو ...
إن القديسين المنتقلين يعلمون بما يحدث على الأرض

(4) إثبات أن القديسين لهم دوافع قوية للشفاعة من أجلنا

يرى القديسون أن إهمال الشفاعة من أجل الآخرين هى خطية ضد الله . ويسجل لنا الوحى الإلهى دليلاً قوياً على ذلك إذ يقول صموئيل النبى

"وأما أنا فحاشا لى أن أخطئ إلى الرب فأكف عن الصلاة من أجلكم "
( صموئيل الأول 12 : 23 )
وهذا دليل قوى وواضح على أن القديسين يشفعون فينا عند الرب ليس فقط لأنهم أعضاء معنا فى جسد المسيح الحى وليس فقط بدافع المحبة بل أيضاً القديسون يعتبرون أن عدم الشفاعة من أجل الآخرين هى خطية ضد الله . وحاشا لهم بعد أن أكملوا جهادهم ضد الخطية وأرضوا الرب بأعمالهم الصالحة أن يعودوا بعد خروجهم من الجسد أن يفعلوا خطية بعدم شفاعتهم من أجل الآخرين .

ونضيف إلى هذا أن الشفاعة التوسلية تكون نافعة ليس فقط للمشفوع فيه ولكن للشافع أيضاً ( إذا كان حياً ) وقد سجل لنا الوحى الإلهى دليلاً قاطعاً على ذلك ..إذ إنه بعد أن صلى أيوب الصديق من أجل أصدقائه وشفع فيهم يقول لنا الوحى الإلهى :::

"ورد الرب سبى أيوب لمـــــا صلى لأجل أصحابه "
( أيوب 42 : 10 )
وجملة "لما صلى لأجل أصحابه " قد أتت سبباً للجملة السابقة " ورد الرب سبى أيوب "









يتبـــــــــــــع .....